الخميس، 25 أغسطس 2011

(التنورة المصرية) تبهر أبناء ثورة الياسمـين

(التنورة المصرية) تبهر أبناء ثورة الياسمـين




 على خشبة أكبر وأقدم المسارح التونسية ــ المسرح البلدى ــ وبحضور نائب السفير المصرى بتونس والملحق الثقافى بالسفارة المصرية.. أقامت فرقة التنورة المصرية أولى حفلاتها فى فعاليات مهرجان المدينة بدورته الـ29 وهو العرض الذى ابهر جميع الحضور من أبناء العاصمة وبعض الجاليات الأجنبية.. وترجم هذا الإبهار بوقوف الجميع فى تصفيق حاد أكثر من مرة.

قدمت الفرقة 3 فقرات بدأتها بفقرة التحميلة ثم فقرة «الصوفى» وأنهتها بفقرة الاستعراضى.. وهى الفقرات التى تعود إلى خلفيات تاريخية وفنية وفلسفية متعددة كما شرحها لنا قائد الفرقة ومخرجها محمود عيسى.. فالتحميلة هى جملة موسيقية شعبية تقوم فيها الفرقة بتقديم اداءات فردية لكل فرد فى الفرقة الموسيقية على حدا ويعرض فيها للجمهور الآلة التى يعزفها وإمكانات عزفه عليها وهى بمثابة تحضير المتلقى للعرض.. وهنا يكشف عيسى أنهم تعلموا تقديم هذه الفقرة بجامعة الفنون بأستراليا على يد اساتذة متخصصين بالفنون حيث وجهوهم إلى كيفية تهيئة المتلقى لما يقدمونه فى البداية بطريقة فنية وعلمية فى نفس الوقت.

أما الفقرة الثانية والمسماة بفقرة «الصوفى» فهى رقصة ذات خلفية فلسفية وتاريخية فى نفس الوقت وترجع هذه الخلفية الفلسفية إلى الطريقة المولوية التابعة لمولانا جلال الدين الرومى والتى فى مجملها تقول إن الكون يبدأ من نقطة وينتهى عند نفس النقطة أى أن الدائرة هى أصل الأشياء، والشمس هى مركز الكون.. وتستلهم المولوية حركاتها من تلك التحركات الكونية فالكواكب تدور حول الشمس فى اتجاهات معاكسة لعقارب الساعة وهكذا أيضا حركة الحجيج حول الكعبة.. ولكن ما قدمته التنورة استلهم تلك الروح المولوية وأضاف لها بنيانا مصريا من خلال كل الطرق الصوفية المصرية مثل «الإبراهيمية والرفاعية والشاذلية والسعيدية وغيرها».

وما يفرق تلك الطرق السابقة عن المولوية هو خلفيتها التاريخية، فالأخيرة كان يرقصها الدراويش الأتراك فقط فى تكية المولوية الموجودة بجانب قصر الأمير طاز وكانت للخاصة فقط وليست للعامة. ويقال إن السلطان سليم الأول قبل دخول مصر أتى إليها كأحد أبناء تلك الطريقة وعاش لفترة كدرويش يتفقد المكان.

ويسرد مسيرة تطور تلك الطريقة المولوية فى مصر ووصولها إلى التنورة فيقول: رصد المصريين بعض دراويش المولوية فأعجبوا بها وأضافوا بعض حركاتها على حلقات ذكرهم ومع تعدد الطرق وتبنى كل طريقة لعلما يرفعونه أثناء ذكرهم ومع مرور الوقت جاءت فكرة تجميع كل الألوان فى قماشه واحدة فظهرت التنورة بشكلها المعروف إلى الآن.. ومن هنا يؤكد أن التنورة اختراع مصرى صرف ولا علاقة لها بأى دولة أخرى كما يردد البعض أحيانا.

وانتقالا إلى الفقرة الأخيرة والمعروفة باسم «الاستعراضى» فيقول عيسى إنها الفقرة التى تتشابه مع ما تقدمه بعض الفرق الأخرى وهى ليست ذات بعد أو عمق فلسفى كسابقتها ولكنها استعراض مهارى للراقص وقدراته فيقدم فيها عدة أشكال كالساقية والمروحة وفانوس رمضان وغيرها من الأشكال المتعددة والتى تظهر مهارات الراقص وتمتع الجمهور أيضا بعيدا عن المغازى الفلسفية وهنا يكمن الفرق بين فرقة التنورة المصرية وباقى الفرق الأخرى التى تقدم فنون التنورة، وهو أن فرقة التنورة للفنون التراثية هى الوحيدة التى ما زالت تحفظ للتنورة معانيها الفلسفية ومغازيها التى بنيت عليها منذ البداية..
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رسالة أحدث رسالة أحدث الصفحة الرئيسية

BThemes